طفلك لا تحرميه المال ولا تعطيه دون حساب
يجب توجيه وعي الطفل بأهمية المال، والحرص على تأسيس علاقة صحيحة بين الطفل وطريقة تعامله مع المال
بشكل يتطور تدريجياً ويسمح له عند بلوغه سن النضج بالتصرف بأمواله بطريقة سليمة.ونلاحظ أهمية علاقة
الأطفال بالمال في المدارس تحديداً، ذلك ان الطفل الذي لا يشتري من مقصف المدرسة، يشعر بنقص
حيال الآخرين الذين يتدافعون ونقودهم في أيديهم لشراء الشيكولاته والحلوى.
ويبدو هذا الطفل كأنه فقير أو قاصر، لم يصل بعد إلى مرحلة التصرف كالكبار، وقد يتعرض إلى سخرية
رفاقه، إذا ما انتبهنا إلى قسوة الأطفال في ما بينهم. ويؤكد اخصائيو التربية أن الطفل لا يعيش في جزيرة معزولة،
وإنما في مجتمع متغير، وبسرعة يصعب على الأهل أحياناً مواكبتها. لذا يجب ترشيد موضوع المال في
حياة الأطفال، خصوصا أن الدراسات الاقتصادية تبين أن الطفل مستهلك مهم بالنسبة للتجار،
وسوق السلع المخصصة له، سواء كانت ضرورية أو كمالية، غذائية أو ترفيهية، هي الأكبر في حجم الأعمال.
من هنا يبدو أن لا مفر من تعويد الطفل على التعامل مع المال بشكل سليم. والأمر يطرح بضع نقاط تتعلق
بنوع مصروف الجيب الذي يعطي للطفل من جهة،
وبالعمر المناسب للبدء بهذه الخطوة من قبل الأهل من جهة أخرى.
وقبل مناقشة هذه النقاط تجدر الإشارة إلى أن معظم الأسر تتصرف مع المسألة وفق ثلاث معطيات،
طبقا لما ورد بجريدة الشرق الأوسط، الأول يعتبر المال من المفسدات والممنوعات، لأنه مركز سلطة الأهل.
أما المعطى الثاني فيرتكز على أن المال ليس أكثر من موضوع عادي في حياة الأسرة،
كالأكل والملبس والحلوى والنزهة ولا علاقة له بخصوصيات التربية.
أما المعطى الثالث فيعتبر المال موضوعاً تربوياً يحضر الطفل للمسؤولية والاستقلالية والنضوج.
وهنا يشدد الاخصائيون على ضرورة توضيح علاقة الأسرة بالمال للطفل، وعدم اعتباره عاجزاً عن فهم أوضاع
أهله المعيشية، والخوف عليه من الصراحة في هذا الإطار. لأن إيجابيات الصراحة تبقى أكثر من سلبياتها،
بحيث يفهم الطفل في بعض الأحيان سبب حرمانه مما يحصل عليه غيره من رفاقه على أنه عقاب غير مبرر،
مما يشعره بالنقمة على أهله، فيعمد إلى تصرفات قد تبدأ بالإلحاح والبكاء والتهديد وتنهي بالسرقة.
كما يشدد الاخصائيون على أن إعطاء المال للأطفال من دون حساب في الأسر الميسورة يؤدي إلى سلبيات أكثر
من حرمان الطفل منه، لذا يجب ضبط هذه المسألة والتنسيق بين الأم والأب في هذا الخصوص،
وحتى يحصل عليه من مصدر واحد، وعدم السماح له بالاحتيال أو الكذب ليحصل على ما يريد من عدة أطراف في
الأسرة، كالأم والأب والإخوة والأقارب.وبعد إرساء هذه الاولويات، يفترض بالأهل تنظيم مسألة
مصروف الجيب للطفل، حيث نلاحظ أن البعض يعطي الطفل عندما يطلب،
والبعض الآخر يخصص له مصروفاً يومياً والبعض الثالث يعوده على نيل مصروفه أسبوعياً. ربما تشكل
الأساليب الثلاثة وسائل مقبولة للطفل، لكن متى تبدأ هذه الخطوة؟
هناك من يعتبر أن البدء يقترن مع بدايات الوعي وخروج الطفل إلى المدرسة في السادسة من عمره مثلاً،
إذ يمكن حينها إعطاؤه مبلغاً بسيطاً من المال ثم سؤاله عن كيفية صرفه وتنبيهه إلى الأخطاء التي قد
يكون ارتكبها،كأن يفقد ماله بسبب إهماله. وغالباً ما تكون الأمهات هن المبادرات،
ويؤكدن أن هذه الوسيلة كفيلة بتعويد الطفل على الحساب والتعامل مع المجتمع. وتعتبر فئة أخرى
أن هذه المرحلة مبكرة، إذ يجب أن يبدأ الطفل بحمل مصروف الجيب في الثامنة من عمره،
حينها يستطيع أن يحافظ على مصروفه ويشتري ما يرغب به من دون أن يغشه أحد.
وتجمع غالبية الأهل على أن الأولاد لدى بلوغهم عمر الثانية عشرة، يطالبون بالمال كحق من
حقوقهم المكتسبة التي لا تتحمل وجهات النظر، مهما كانت الأوضاع المعيشية للعائلة